إيران، البلد الذي يتمتع بتراث ثقافي وتاريخي غني، قد شهد تغييرات كبيرة في نظامه الضريبي على مر القرون. تطور نظام الضرائب في إيران هو انعكاس لتحولاتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. يغوص هذا المقال في رحلة تاريخية لنظام الضرائب في إيران، مدققًا الفترات المختلفة التي مرت بها وتأثيرها على الأعمال التجارية والاقتصاد.
**عصر الضرائب القديمة**
شهدت إيران، المعروفة تاريخياً باسم فارس، نظام ضرائب منظم منذ العصور القديمة. كان لدى الإمبراطورية الفارسية (550-330 قبل الميلاد)، واحدة من أقدم الإمبراطوريات الفارسية، نظام ضرائب منظم حيث كانت المقاطعات، أو المحافظات النظرية، تدفع الديات إلى الحكومة المركزية. وكانت هذه الديات في كثير من الأحيان عبارة عن منتجات زراعية، مواشي، فضة وذهب، تُستخدم لتمويل البنية التحتية والنفقات العسكرية والمحاكم الملكية.
**التحولات الوسيطة**
أثناء حكم إمبراطورية الساسانيين (224-651 م)، أصبح نظام الضرائب أكثر تعقيداً. ففرض الحكام الساسانيين ضريبة أرضية وضريبة رأس مال على أساس ملكية الأراضي وعلى رجال المواطنة الذكور على التوالي. حافظت النظامية على سجلات مفصلة واستخدمت جباة الضرائب لضمان الامتثال.
**التأثير الإسلامي والإصلاحات**
جاء ظهور الإسلام في القرن السابع بتغييرات كبيرة على نظام الضرائب في إيران. تم تدريجياً استبدال الأنظمة الزرادشتية التقليدية بمبادئ الضرائب الإسلامية. وشملت الضرائب الرئيسية **الخمس** (ضريبة 20٪ على بعض المكاسب) و **الزكاة** (إعطاء الصدقات، واحدة من أركان الإسلام الخمسة). بالإضافة إلى ذلك، فقد فُرضت ضريبة **الجزية** على غير المسلمين، مما ضمن حمايتهم تحت الدولة الإسلامية.
**سلاسل سفوي وقاجار**
في عهد سلالة صفوي (1501-1736)، وضعت مزيدًا من التركيز على تركيز النظام الضريبي، مع التأكيد على الضرائب الأرضية والرسوم الجمركية ومختلف الضرائب المحلية. وفي عهد قاجار (1789-1925)، واجه نظام الضرائب تحديات بسبب تراجع القدرات الإدارية للإمبراطورية والضغوط التي تمارسها القوى الاستعمارية. خلال هذه الفترة، غالبًا ما اعتمدت سلالة قاجار الضرائب غير المباشرة، مثل الرسوم الجمركية والاحتكارات، لتمويل الدولة.
**التحديات الحديثة في القرن العشرين**
سَجلت سلالة پهلوي (1925-1979) تحديثًا كبيرًا في نظام الضرائب في إيران. قام رضا شاه پهلوي بإدخال عدة إصلاحات تهدف إلى تبسيط هيكل الضرائب وتحسين الكفاءة والحد من الفساد. تم صياغة تشريعات ضريبية حديثة، مع التركيز على ضريبة الدخل وضريبة الشركات ومختلف الضرائب غير المباشرة مثل ضريبة القيمة المضافة (VAT).
**الفترة ما بعد الثورة**
أعادت الثورة الإسلامية في عام 1979 تحولًا جديدًا إلى المشهد المالي في إيران. أكدت الجمهورية الإسلامية الجديدة مبادئ الاقتصاد الإسلامي، بتنقيح نظام الضرائب ليتماشى مع الشريعة الإسلامية. شملت الإصلاحات الضريبية إدخال ضرائب التقدم الزوجي، وضرائب الثروة، ومختلف الضرائب الإسلامية مثل الخمس والزكاة.
**التحديات والإصلاحات المعاصرة**
في العقود الأخيرة، واجهت اقتصاد إيران عددًا من العقبات، بما في ذلك العقوبات الدولية، وتقلبات إيرادات النفط، والعزلة الاقتصادية. دفعت هذه التحديات الحكومة إلى تنويع مصادر الإيرادات وتنفيذ مزيد من الإصلاحات الضريبية. هدفت الإصلاحات المعاصرة إلى زيادة الامتثال الضريبي، وتوسيع قاعدة الضرائب، وتقليل الاعتماد على إيرادات النفط.
تم مقدمة جهود لتطوير نظام الضرائب بالتأكيد، بهدف التخفيف من التهرب الضريبي وتعزيز الشفافية. علاوة على ذلك، كان تحسين بيئة الأعمال أحد أولويات الحكومة، مع اتخاذ إجراءات لتخفيف عبء الضرائب على الشركات الصغيرة والمتوسطة وتعزيز مناخ أكثر ملاءمة للاستثمار المحلي والأجنبي.
**الاستنتاج**
يعكس نظام الضرائب في إيران تاريخ البلاد الديناميكي، والمميز بعملية مستمرة للتكيف والإصلاح. منذ العصور القديمة حتى الجمهورية الإسلامية المعاصرة، تعرض نظام الضرائب لتحولات كبيرة، التي شكلتها التغيرات السياسية والمتطلبات الاقتصادية. وبينما تواصل إيران تلاحمها مع المناظر الاقتصادية المعقدة، سيكون تحول نظام الضرائب لها دورًا حاسمًا دون شك في تشكيل سياساتها المستقبلية في مجال الأعمال والمالية.
الروابط المقترحة المتعلقة بتطور نظام الضرائب في إيران: نظرة تاريخية: