دور الضرائب في دولة كوريا الجنوبية الرفاهية

**مقدمة**

تقف كوريا الجنوبية، المعروفة رسميًا باسم جمهورية كوريا، كواحدة من أكثر اقتصادات آسيا نشاطًا وتقدمًا. خلال العقود القليلة الماضية، شهدت البلاد نموًا اقتصاديًا غير مسبوق، مما حولها من دولة مدمرة بالحرب إلى قوة تكنولوجية وصناعية قوية. مع هذا التقدم السريع، أصبح دور الضرائب أكثر أهمية، خاصة في تمويل دولة كوريا الجنوبية الاجتماعية. تركز هذه المقالة على كيفية تسهم الضرائب في النظام الاجتماعي في كوريا الجنوبية وتأثيرها الأوسع على مجتمعها وبيئتها التجارية.

**المشهد الاقتصادي في كوريا الجنوبية**

تشتهر اقتصاد كوريا الجنوبية بتطوره الملحوظ، ويُشار إليه كثيرًا بـ “معجزة نهر هان”. تتمتع البلاد بقطاعات صناعية راسخة مثل الإلكترونيات، وصناعة السيارات، وبناء السفن، وصناعة البتروكيماويات، وصناعة الحديد والصلب. شركات مثل سامسونغ، هيونداي، إل جي، وكيا أصبحت أسماءً معروفة عالميًا، مساهمةً بشكل كبير في الناتج المحلي الإجمالي لكوريا الجنوبية.

كما اعتنت البلد بالابتكار، من خلال الاستثمارات الكبيرة في البحث والتطوير، الأمر الذي دفع بقطاعاتها الرقمية والعالية التكنولوجيا إلى الأمام. تركز كوريا الجنوبية استراتيجيًا على التعليم والتكنولوجيا، مما أدى إلى تنمية قوى عاملة ماهرة، معززةً بالإجمال فرصها الاقتصادية.

**الضرائب في كوريا الجنوبية**

تعد إيرادات الضرائب في كوريا الجنوبية جوهرية في دعم مختلف وظائف الحكومة، بما في ذلك نظامها الاجتماعي. تعتمد البلاد نظام ضرائب تقدمي، حيث يزيد معدل الضريبة كما يزيد المبلغ الخاضع للضريبة. يهدف هذا النظام إلى تحقيق توزيعًا أكثر عدالة للثروة والموارد.

تشمل مكونات رئيسية من هيكل الضرائب في كوريا الجنوبية ما يلي:

1. **ضريبة الدخل**: تُفرض على الأفراد والشركات على حد سواء، حيث تتراوح أسعار ضريبة الدخل للأفراد بين 6٪ و 45٪ بناءً على فئات الدخل الخاضع للضريبة. وتبلغ نسبة الضريبة الشركاتية 10٪ للدخل الخاضع للضريبة حتى 200 مليون وون كوري، و20٪ للدخل بين 200 مليون و20 مليار وون كوري، و22٪ للدخل الذي يتجاوز 20 مليار وون كوري.

2. **ضريبة القيمة المضافة**: فُرضت القيمة المضافة في كوريا الجنوبية عام 1977، وتبلغ حاليًا 10٪. تُجمع على توريد السلع والخدمات، وتلعب دورًا حاسمًا في إنتاج الإيرادات العامة.

3. **ضريبة الممتلكات**: تُفرض على ملكية العقارات، وتسهم ضرائب الممتلكات بشكل كبير في موازنات الحكومات المحلية وتعتبر حاسمة في التخفيف من الاستثمارات العقارية التكهنية.

**نظام الرعاية الاجتماعية في كوريا الجنوبية**

يزداد النطاق الزمني للدولة الاجتماعية في كوريا الجنوبية، على الرغم من صغره مقارنة بدول أوروبا. وقد توسعت النظام الاجتماعي الرفاهي لتتناول التحديات الناشئة عن الشيخوخة والتفاوت الاقتصادي. يغطي النظام الاجتماعي الرفاهي عدة مجالات، بما في ذلك الرعاية الصحية، والتقاعد، وإعانات البطالة، والخدمات الاجتماعية.

1. **التأمين الصحي الوطني**: يغطي هذا النظام التأمين الصحي الشامل جميع السكان الكوريين الجنوبيين. يتم تمويله من خلال مساهمات من الحكومة، وأصحاب العمل، والموظفين. تلعب الضرائب دورًا حيويًا في دعم نفقات الرعاية الصحية وضمان بقاء الرعاية الصحية متاحة للجميع.

2. **نظام التقاعد**: تم تقديم نظام التقاعد الوطني في عام 1988 لتوفير دخل أساسي للمتقاعدين. ويتم تمويله من خلال مساهمات من أصحاب العمل والموظفين، بالإضافة إلى دعم من ضرائب للحفاظ على استدامته.

3. **إعانات البطالة وخدمات الرعاية الاجتماعية**: تقدم كوريا الجنوبية إعانات للبطالة لدعم الأفراد في فترات انتقالية بين الوظائف. تُدعم الخدمات الاجتماعية، بما في ذلك رعاية الأطفال ورعاية المسنين، من خلال إيرادات الضرائب، بهدف تعزيز نوعية حياة جميع المواطنين.

**التأثير على الأعمال**

تلعب الضرائب دورًا مزدوجًا في بيئة الأعمال في كوريا الجنوبية. من جهة، تمول البنية التحتية الحيوية، والتعليم، والخدمات الاجتماعية التي تدعم قوى عاملة فعالة وماهرة. من جهة أخرى، يمكن أن يؤثر العبء الضريبي على ربحية الشركات وقرارات الاستثمار.

**عمل التوازن**

تسعى الحكومة الكورية الجنوبية باستمرار للوفاء بالتوازن بين جمع الضرائب الكافية وتعزيز بيئة أعمال مواتية. تُقدم المكافآت الضريبية والدعم بانتظام لتشجيع الاستثمارات خاصة في الصناعات عالية التكنولوجيا والخضراء.

**الختام**

يكون دور الضرائب في النظام الاجتماعي في كوريا الجنوبية متعددًا الأوجه، حيث يعد عمودًا فقريًا لدعم الشبكات الاجتماعية في البلاد. ومع استمرار كوريا الجنوبية في التنقل من تعقيدات الاقتصاد العالمي، فإن سياساتها الضريبية ستظل أداة حيوية في تعزيز النمو الاقتصادي والرفاه الاجتماعي. من خلال الحفاظ على نهج استراتيجي للضرائب، تسعى كوريا الجنوبية إلى تحقيق توازن بين احتياجات مواطنيها وتطلعاتها الاقتصادية.